تميزت سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام بمظاهر فذة، وهي وإن كانت متوفرة في حياة آبائه وأبنائه الأئمة عليهم السلام، إلا أنها برزت في سيرة الإمام عليه السلام بشكل آخر، أكثر وضوحا، وأوسع دورا، مما تسترعي الانتباه، وهي:
1 - ظاهرة الزهد والعبادة.
2 - ظاهرة البكاء.
3 - ظاهرة الدعاء.
فإذا سبرنا حياة الأئمة عليهم السلام، وجدناهم - كلهم - يتميزون في هذه المظاهر على أهل زمانهم، إلا أنها في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام تجاوزت الحد المألوف، حتى كان عليه السلام فريدا في الالتزام بكل منها:
العبادة والزهد، فقد عد فيهما: زين العابدين وسيد الزاهدين، حتى ضرب به المثل فيهما.
والبكاء، فقد عد فيه: من البكائين الخمسة.
وأما الدعاء: فالصحيفة التي خلفها تكفي شاهدا على ما نقول.
وسنحاول في هذا الفصل أن نشاهد أثر الالتزام بهذه المظاهر في ملامح سيرة الإمام عليه السلام، ونقرأ ما خلده لنا التاريخ من آثارها في الحياة الاجتماعية للإمام عليه السلام، وما استهدفه الإمام عليه السلام من اللجوء إليها بهذا الشكل المركز.