1 - تزييف دعاوي المبطلين من دعاة التصوف والرهبنة:
ومع أن الإمام زين العابدين عليه السلام كان المثل الأعلى للزهد والعبادة في عصره، حتى غلبت عليه هذه الصفة أكثر من غيرها، إلا أنه عليه السلام وقف من المتظاهرين - كذبا - بالزهد، والمائلين إلى الانعزال عن المشاكل، التاركين للحكام وللناس، يظلم أولئك هؤلاء، ويتبع هؤلاء أولئك، والذين قبعوا - حسب نظرتهم - على إصلاح أنفسهم وأعمالهم، تلك الحالة التي سميت من بعد بالتصوف، وسمي أهلها بالصوفية.
وقف الإمام عليه السلام من هذه الحالة ومن دعاتها ورعاتها، موقف الرد والإنكار وإعلان الخطأ في طرقهم، وحاول إرشادهم إلى طرق السلوك الصائبة، بما قدمه إليهم وإلى الأمة من مواعظ وأدعية وخطب ورسائل وأجوبة تحدد لهم معالم الطرق القويمة والسبل المستقيمة، والموصلة إلى الهدى والرشاد.
وبما كان الإمام يتمتع به من مكانة مرموقة معترف بها، في الإيمان والشرف، حسبا ونسبا، وخاصة في الزهد والعبادة، فإن كلامه في هذا المجال كان هو المقبول، ومواقفه التي كان يتخذها من المتظاهرين بالزهد، كانت هي الناجحة والغالبة.
وقد تركز انحرافهم في نقطتين هامتين:
1 - محاولتهم الانعزال عن الحياة الاجتماعية، بعدم تدخلهم في ما يمس وجودهم بسوء أو ضرر، مثل التعرض للظلم والفساد الذي يجري حواليهم، وخاصة من قبل الخلفاء والولاة وكل من يمت إلى السلطان والحكومة بصلة! خوفا على أنفسهم من الموت والهلكة.
وقد كان يجرهم هذا التفكير إلى مداراة الظلمة، والخضوع لهم، والحضور في مجالسهم، بل الانخراط في مظالمهم، وتصويب أعمالهم، بالرغم من معرفة ظلمهم وعدم استحقاقهم للمقامات التي احتلوها.
2 - وعلى أثر النقطة الأولى، فإنهم ابتعدوا عن أهل البيت عليه السلام، لأنهم كانوا هم المعارضين السياسيين، فكان الاتصال بهم يعني المحسوبية عليهم وعلى خطهم،