حركته؟! أو أن يسكت إذا سئل عنه؟!
إن إظهار التعاطف معه، ولو بأدنى شكل، كانت الدولة تستغله لضرب الإمام عليه السلام وتشويه سمعته عند العامة العمياء.
فلا نستبعد أن يكون الإمام عليه السلام قد أصدر ضد ما يعرفه الناس عن المختار، ما يبرئ ساحة الإمام عليه السلام من الموافقة عليه، أو السكوت عنه، ففي الخبر: قام الإمام عليه السلام على باب الكعبة! يلعن المختار!
فقال له رجل: يا أبا الحسين، لم تسبه؟ وإنما ذبح فيكم؟!
قال الإمام عليه السلام: إنه كان كذابا، يكذب على الله ورسوله (1) فلو صح هذا الخبر، فإن وقوف الإمام عليه السلام على باب الكعبة، وإعلانه بهذا الشكل عن ذم المختار ولعنه، لا يخلو من قصد - أكثر من مجرد اللعن - حيث أن في ذلك دلالة واضحة على إرادة مجرد الإعلان بذلك وتبيينه للناس.
وفي قول المعترض: (ذبح فيكم) الهدف السياسي من تلطيخ سمعة أهل البيت عليهم السلام وتوريطهم بما لطخوا به سمعة المختار.
إذ لا يصدر مثل هذا الاعتراض، وهذا الإعلان، عن شخص غير مغرض في مثل ذلك الموقف.
ثم إن ما ورد من أمثال هذه الأحاديث، المشتملة على ذم المختار من قبل أهل البيت عليهم السلام ورواتهم، إنما رواها رجال الدولة وكتابهم ومؤرخو البلاط، مما يدل على أن المستفيد الوحيد من ترويجها هم أولئك الذين يرتزقون من الارتباط بالدولة.
هذا لو صحت تلك الأحاديث والنقول.
وإلا، فهل يشك أحد من دارسي التاريخ في أن المختار تحرك بشعار الأخذ بثارات الحسين عليه السلام وقد وصفه زوجتاه - بعد قتله - بأنه (رجل يقول ربي الله، كان صائم نهاره، قائم ليله، قد بذل دمه لله ولرسوله في طلب قتلة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهله وشيعته، فأمكنه الله منهم حتى شفى النفوس) (2).