فعليه أداء رسالتها العظيمة.
وأعباء العائلة المهضومة، المكثورة، ما بين ثكالى وأرامل وأيتام، ودموع لا بد أن يكفكفها، وعواطف مخدوشة، وقلوب صغيرة مروعة، وعيون موحشة، وجروح وأمراض وآلام، تحتاج إلى مداراة ومداواة والتيام!
ولا بد أن يسترجع القوى!
وأعباء الإمامة، تلك المسؤولية الإلهية، والتاريخية الملقاة على عاتقه، والتي لا بد أن ينهض بها، فيلملم كوادرها ويردم الصدمات العنيفة التي هز كيانها، ويرأب الصدع الذي أصاب بناء نظام الإمامة الشامخ، الذي يمثل الخط الصحيح للإسلام.
ولقد حمل الإمام السجاد عليه السلام، في وحدته، كل هذه الأعباء، وبفضل حكمته وتدبيره خرج من عهدتها بأفضل الأشكال.
ففي السنين الأولى:
وقبل كل هذه المهمات الهائلة الثقال، وبعدها: كانت ملاحقة الدولة، أهم ما كان على الإمام السجاد عليه السلام أن يوقفها عند حد، حتى يتمكن من أداء واجب تلك الأعباء الصعبة بشكل صحيح ومطلوب.
ولا بد أن أصابع الاتهام كانت موجهة إليه ما دام موجودا في المدينة، أو أي بلد إسلامي آخر، تلاحق حركاته وسكناته، وتحصي أنفاسه وكلماته.
الإجراء الفريد:
فلذلك اتخذ إجراءا فريدا في حياة الأئمة، وبأسلوب غريب جدا، لمواجهة الموقف، ولإبعاد نفسه عن وجهة تلك الاتهامات والملاحقات التي لا يمكن صرفها هي ولا تغيير وجهتها.
فأبعد بذلك الإجراء الأخطار الموجهة إليه من الملاحقات، وبدأ بعيدا عنها بالاستعداد لما يتوجبه حمل تلك الأعباء، ويتأهب للقيام بدوره، كوارث لكربلاء، وكمعيل كفيل لعوائل الشهداء، وكإمام يقود الأمة ويحافظ على تعاليم السماء.
كان ذلك الإجراء الفريد أنه اتخذ بيتا من (شعر) في البادية، خارج المدينة!