بلاء لا يقدر قدره.
فالله لنا ولك، وهو المستعان.
أما بعد:
فأعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، ولا تفتنهم الدنيا، ولا يفتنون بها.
رغبوا، فطلبوا، فما لبثوا أن لحقوا.
فإن كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ، مع كبر سنك، ورسوخ علمك، وحضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه؟ الجاهل في علمه؟ المأفون في رأيه؟ المدخول في عقله؟
إنا لله وإنا إليه راجعون.
على من المعول؟ وعند من المستعتب؟
نشكو إلى الله بثنا، وما نرى فيك، ونحتسب عند الله مصيبتنا بك!
فانظر:
كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا؟
وكيف إعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلا؟
وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا؟
وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا؟
مالك لا تنتبه من نعستك؟ وتستقيل من عثرتك؟ فتقول: والله ما قمت لله مقاما واحدا أحييت به له دينا! أو أمت له فيه باطلا؟!
فهذا شكرك من استحملك؟
ما أخوفني أن تكون كما قال الله تعالى في كتابه: * (أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا) * [مريم (19) الآية (59)].
استحملك كتابه، واستودعك علمه، فأضعتهما!
فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به!
والسلام (1).