وقال ابن خلدون: إن عصبية الجاهلية نسيت في أول الإسلام، ثم عادت كما كانت، في زمن خروج الحسين عليه السلام عصبية مضر لبني أمية كما كانت لهم قبل الإسلام (1).
فقاموا بأعمال تسير على هذه السياسة الخارجة عن حدود الدين والشرع، مثل تأمير العرب، وتقديم العربي ولو كان خاملا على الكفوئين من غير العرب، والسعي في تعريب كل شرائح وأجهزة الدولة، بتنصيب العرب في مناصب الديوان، والقضاء، وحتى الفقه.
وتجاوزوا كل الأحكام الشرعية في التزامهم بأساليب الحياة العربية الجاهلية، فتوغلوا في اللهو والاستهتار بالمحرمات، والظلم، والقتل، حتى تجاوزوا أعرافا عربية سائدة بين العرب قبل الإسلام، فخانوا العهد، وأخفروا الذمة، وهتكوا العرض (2).
ولقد بلغت تعدياتهم أن كان معاوية: يعتبر الناس العرب، ويعتبر الموالي شبه الناس (3)!
وقد استغل الجاهلون هذا الوضع، فكان العرب لا يزوجون الموالي (4).
وجاء في بعض المصادر أن حاكم البصرة - بلال بن أبي بردة - ضرب شخصا من الموالي، لأنه تزوج امرأة عربية (5).
ووصلت عدوى هذا المرض إلى علماء البلاط أيضا فاتبعوا سياسة الأسياد، فقد وجهت إلى الزهري تهمة أنه لا يروي الحديث عن الموالي، فسئل عن ذلك؟
فاعترف به (6).