أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين) (1).
فلو كان الإمام زين العابدين عليه السلام كما هو المعروف زاهدا في السياسة، فما معنى ربط الحجاج - الذي لا يرتاب في دهائه - بين الإمام وبين الملك.
فكلام الحجاج واضح الدلالة على أن وجود الإمام عليه السلام أصبح يشكل خطرا عظيما على الملك، يزعزعه ويزيله، فهو لا يثبت إلا بقتل الإمام.
وأما عبد الملك، فقد حاول أن يحدد الإمام عليه السلام، كما يقوله الحديث التالي:
قال الزهري: شهدت علي بن الحسين، يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديدا، ووكل به حفاظا عدة.
فاستأذنتهم في التسليم عليه، والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلت عليه، وهو في قبة، والأقياد في رجليه، والغل في يديه، فبكيت، وقلت: وددت أني مكانك، وأنت سالم.
فقال: يا زهري، أو تظن هذا - مما ترى علي وفي عنقي - يكرثني، أما لو شئت ما كان، فإنه - وإن بلغ فيك وفي أمثالك - ليذكرني عذاب الله.
ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد، وقال: لأجزت معهم على ذا منزلتين من المدينة.
قال الزهري: فما لبثت إلا أربع ليال، حتى قدم الموكلون به، يظنون أنه بالمدينة، فما وجدوه.
فكنت فيمن سألهم عنه؟
فقال لي بعضهم: إنا نراه متبوعا، إنه لنازل، ونحن حوله لا ننام، نرصده، إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديده.
قال الزهري: فقدمت - بعد ذلك - على عبد الملك بن مروان، فسألني عن علي بن الحسين؟ فأخبرته، فقال لي: إنه قد جاءني في يوم فقدوه الأعوان، فدخل علي فقال: ما أنا وأنت؟
فقلت: أقم عندي.
فقال: لا أحب.