فكيف يقيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجلس الحزن على قرة عينه، يوم ولادته، أهكذا يستقبل العظماء مواليدهم؟ أو لا يجب أن يستبشروا بالولادات الجديدة، ويتهادوا التهاني والأفراح والمسرات؟!
وتتكرر المجالس التي يعقدها الرسول العظيم، ليبكي فيها على وليده، ويبكي لأجله كل من حوله، وفيهم فاطمة الزهراء عليها السلام أم الوليد، وبعض أمهات المؤمنين، وأشراف الصحابة (1).
وحقا عد ذلك من دلائل النبوة ومعجزاتها (2).
وهكذا أقام الإمام علي عليه السلام، مجلس العزاء على ولده الحسين عليه السلام، لما مر على أرض كربلاء، وهو في طريقه إلى صفين، فوقف بها، فقيل: هذه كربلاء، قال: ذات كرب وبلاء، ثم أومأ بيده إلى مكان، فقال: هاهنا موضع رحالهم، ومناخ ركابهم، وأومأ بعده إلى موضع آخر، فقال: هاهنا مهراق دمائهم (3).
ونزل إلى شجرة، فصلى إليها، فأخذ تربة من الأرض فشمها، ثم قال: واها لك من تربة، ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب (4).
ورثاه أخوه الحسن عليه السلام وقال له: لا يوم كيومك يا أبا عبد الله... ويبكي عليك كل شئ... (5).
وحتى الحسين عليه السلام نفسه، نعى نفسه ودعا إلى البكاء على مصيبته، وحث المؤمنين عليه، حيث قال: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى (6).
وهكذا الأئمة عليهم السلام بعد الحسين، أكدوا على البكاء على الحسين بشتى الأشكال.