اعترض عليه بترك الجهاد، والالتزام بالحج، بقوله: تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، والله عز وجل يقول: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون - إلى قوله - وبشر المؤمنين) * [التوبة: 9 الآية 111).
فقال الإمام عليه السلام: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج. (1) وهو المستفاد من كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الشقشقية: (أما والله لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت أولها بكأس آخرها (2) ولو كان الخروج واجبا على كل حال، وغير مشروط، لما قال الإمام هذا الكلام.
وفي الجامع الكافي للشريف العلوي: قال الحسن عليه السلام: ويحق على من أراد الله والانتصار للدين: أن لا يظهر نفسه، ولا يعود بسفك دمه ودماء المسلمين، وإباحة الحريم، إلا ومعه فئة المتدينين يوثق بطاعتهم ووفائهم. (3) إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى علي عليه السلام، قال: يا أخي، عليك بالصبر، إلا أن تجد أعوانا وأنصارا، فاشهر سيفك حينئذ، فإن لم تجد أعوانا وأنصارا، فاحقن دمك، فإن القوم لم ينسوا قتل ساداتهم في مواقفك التي شرفك الله تعالى بها في دينه. (4) نعم، قد يضطر الواقع إنسانا أبيا، إلى الإقدام على الخروج المسلح، وإن لم توجد شروطه، لحاجة الوضع إلى إثارة، فيضحي بنفسه فداءا من أجل قضيته.
وهذا وإن كان لا يسمى في قاموس اللغة (خروجا) ولا في مصطلح الفقه (جهادا) ولا يمكن أن يعتبر في حسابات العقل (واجبا) ولا في موازين