الحق مقره في رجل من آل بيت نبيهم صلوات الله عليه وسلامه (1).
وكحركة المختار الذي كتب إلى الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام يريده على أن يبايع له، ويقول بإمامته، ويظهر دعوته، وأنفذ إليه مالا كثيرا (2) وتتبع قتلة الحسين عليه السلام فقتلهم (3).
ولكن الإمام عليه السلام كان حكيما في تعامله مع المتحركين أولئك، فلم يعلن عن ارتباطه المباشر بهم، وكذلك لم يعلن عن رفض حركتهم كما واجه ابن الزبير، بل أصدر بيانا عاما، يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام عليه السلام: فقال لعمه محمد بن الحنفية: (يا عم، لو أن عبدا تعصب لنا أهل البيت، لوجب على الناس مؤازرته، وقد وليتك هذا الأمر، فاصنع ما شئت) (4).
إن تولية الإمام عليه السلام لعمه في القيام بأمور الحركات الثورية تلك كان هو الطريق الأصلح، حيث أن محمد بن الحنفية لم يكن متهما من قبل الدولة بالمعارضة، ولم يعرف منه ما يشير إلى التصدي للإمامة لنفسه، بينما الإمام عليه السلام كانت الدولة تتوجس منه خيفة باعتباره صاحب الدم في كربلاء، والمؤهل للإمامة، لعلمه وتقواه وشرفه، ولم يخف على عيون الدولة أن جمعا من الشيعة يعتقدون الإمامة له.
وبذلك كان الإمام عليه السلام قد حافظ على وجوده من أذى الأمويين واستمر على رسم خططه والتأكيد على منهجه لإحياء الدين وتهيئة الأرضية للحكم العادل.
وهو مع ذلك لم يقطع الدعم عن تلك الحركات التي انتهجت الثأر لأهل البيت عليهم السلام.
فلما أرسل المختار برؤوس قتلة الإمام الحسين عليه السلام إلى الإمام السجاد عليه السلام، خر الإمام ساجدا، ودعا له، وجزاه خيرا (5).