محمد عليهم السلام فيكون قد وصل إلى أمنيته القديمة.
إن الإمام عليه السلام بإظهاره التخوف من فتنة ابن الزبير، كان قد أحبط كل أهداف ابن الزبير وأمانيه الخبيثة تلك.
كما أن في هذا التصرف تهدئة لوغر صدور الأمويين ضد آل محمد عليهم السلام وشيعتهم، تمهيدا لتثبيت العقيدة وترسيخ قواعدها.
وبهذا حدد الإمام عليه السلام موقفه من الحركات البعيدة عن خط الإمامة، والتي لم تنتهج اتباع الإسلام المحمدي الخالص الذي يحمله أئمة أهل البيت عليهم السلام.
فهو لم يظهر تجاهها ما يستفيده الأمويون، كما لم يؤيدها بحيث تكون ذريعة للأمويين على محاسبة الإمام عليه السلام.
ولا قام بما يعتبر وسيلة يتشبث بها أولئك المتحركون غير الأصيلين في الفكر والعقيدة، والمشبوهون في الأهداف والمنطلقات.
فاتخذ الإمام من هذه الحركات موقف الحزم والحيطة، فهي وإن لم تكن على المعلوم من الحق إلا أنها كانت معارضة للمعلوم من الباطل الحاكم، ومؤدية إلى تضعيفه وزعزعته، وتحديد سطوته.
والإمام عليه السلام لا يهدف إلى مجرد إحداث البلبلة، وتعويض فاسد بفاسد، أو نقل السلطة من ابن مروان، إلى ابن الزبير، أو ابن الأشعث، أو غيرهم من المتصدين للحكم بالباطل، فتركهم الإمام عليه السلام يشتغل بعضهم ببعض حتى ينكشف للأمة زيف دعواهم الإمامة والخلافة، ويظهر للأمة أنهم - جميعا - لا يطلبون إلا الحكم والسلطة، دون صلاح الإسلام وإصلاح ما فسد من أمور المسلمين.
وأما موقفه من الحركات الأخرى:
فهي بفرض أنها قامت بشعارات حقة.
كحركة التوابين في عين الوردة، وشعارهم (يا لثارات الحسين) (1) وهم الذين تحالفوا على بذل نفوسهم وأموالهم في الطلب بثأر الحسين عليه السلام ومقاتلة قتلته وإقرار