لا يزال ولاء العتق يربطهم بالإمام عليه السلام، ولا ريب أنهم أصبحوا جيشا، فإن عددهم بلغ - في ما قيل - خمسين ألفا، وقيل: مائة ألف! (1).
فعن عبد الغفار بن القاسم أبي مريم الأنصاري، قال: كان علي بن الحسين خارجا من المسجد فلقيه رجل فسبه! فثارت إليه العبيد والموالي، فقال علي بن الحسين: مهلا عن الرجل، ثم أقبل على الرجل، فقال له: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها؟ - فاستحيى الرجل - فألقى عليه خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم.
فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول (2).
وقد كان لهؤلاء العبيد موقف دفاعي آخر، عن أهل البيت، لما سمعوا أنباء ضغط ابن الزبير على آل أبي طالب في مكة، وشيخهم محمد بن الحنفية عم الإمام زين العابدين عليه السلام، في ما رواه البلاذري بسنده عن المشايخ يتحدثون: أنه لما كان من أمر ابن الحنفية ما كان، تجمع بالمدينة (!) قوم من السودان، غضبا له، ومراغمة لابن الزبير.
فرأى ابن عمر غلاما له فيهم، وهو شاهر سيفه! فقال له: رباح!
قال رباح: والله، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا.
فبكى ابن عمر، وقال: اللهم إن هذا لذنوبنا (3).
وقال عبد العزيز سيد الأهل: وجعل الدولاب يسير، والزمن يمر وزين العابدين يهب الحرية في كل عام، وكل شهر، وكل يوم، وعند كل هفوة، وكل خطأ، حتى صار في المدينة جيش من الموالي الأحرار، والجواري الحرائر، وكلهم في ولاء زين العابدين (4).