أبي طالب عليه السلام، فقال له: لا تنتقص عليا، فإن الدين لم يبن شيئا فاستطاعت الدنيا أن تهدمه، وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين!
يا بني، إن بني أمية لهجوا بسب علي بن أبي طالب عليه السلام في مجالسهم ولعنوه على منابرهم، فإنما يأخذون - والله - بضبعيه إلى السماء مدا، وإنهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف، فأنهاك عن سبه (1).
ثم رفع عمر بن عبد العزيز المنع عن نشر الحديث والسنة، فعمم أمرا بكتابة الحديث وتدوين العلم، وسجل باسمه هذه المأثرة التي لا يزال كثير من المصنفين يمدحونه بها!
إن عمر بادر إلى هذه الأعمال وأمثالها، لتلافي أمر انهدام الدولة الأموية، وقبل أن ينسحب البساط من تحته وتحت قبيلته.
وأخطر ما في عمله أنه أخر نتائج الجهود الجبارة التي قام بها الإمام زين العابدين عليه السلام إلى فترة أبعد، لما فتحه أمام الناس من نوافذ للأمل بالإصلاح، فتقاعسوا عن متابعة الأهداف التي خطط لها الإمام عليه السلام، لأنهم علقوا آمالا طوالا عراضا على عمر، وتظاهره بالصلاح، بل عدوه مجددا للإسلام! في بداية القرن الثاني، وكالوا له المدح والثناء، وكسب ود كثير من الناس، حتى أتبعوه بالاستغفار بعد هلاكه.
بينما هو، لو كان يريد الخير للأمة لرد الأمر إلى أهله، والحق إلى نصابه، ولأصلح أهم ما أفسده بنو أمية والخلفاء من قبله، وهو إرجاع الأمر إلى أهل البيت عليهم السلام الذين هم أولى بالأمر منه.
قال السيد المقرم: ولو كان ابن عبد العزيز صادقا... لرد الخلافة إلى أهلها، وهل ظلامة أحد أكبر من ظلامة أهل البيت عليهم السلام في عدم إرجاع الحق إليهم؟ وتعريف الأمة أنهم الأولى ممن تسنم منبر النبوة بغير رضا من الله ولا من رسوله؟ (2)