المجال التربوي والمعيشة الربانية، لا في مجالات التضحية والجهاد!
فكانت حياته بطولات في ميادين الجهاد الأكبر - جهاد النفس - لا الجهاد الأصغر - جهاد الأعداء - (1)...
وزاد في تعميق المفاجأة: عندما وجدت هؤلاء - جميعا - قد أغفلوا أمرا واحدا وهو تحديد (السياسة) التي ادعوا أن الإمام: (ابتعد عنها) أو (انصرف عنها) أو (زهد فيها) أو (لم يشارك فيها) أو (انعزل عن ساحتها) إلى غير ذلك من التعابير المختلفة.
وإذا كانت هي زعامة العباد، وتدبير أمور البلاد (2) فهي داخلة في معنى (الإمامة) التي لا بد أن نفرضها للإمام أو - على - الأقل نفرضها له عندما نتحدث عنه من حيث كونه إماما.
وإذا كانت الإمامة متضمنة للسياسة، فكيف يريد الإمام أن يبتعد عنها؟.
أو يريد الكتاب أن يفرضوا فراغ إمامته عنها؟.
أو حصرها بالزعامة الروحية والعلمية، فقط؟.
وفي خصوص الإمام زين العابدين عليه السلام: كانت المفاجأة أعمق أثرا، عندما لاحظت أن المصادر القديمة والمتكفلة لذكر حياة الإمام عليه السلام تعطي - بوضوح - نتيجة معاكسة لما شاع عند هؤلاء الكتاب، وهي:
أن الإمام عليه السلام قد قام بدور سياسي فعال، وكان له تنظيم وتخطيط سياسي دقيق، يمكن اعتباره من أذكى الخطط السياسية المتاحة لمثل تلك الظروف العصيبة الحالكة.