- للهجوم على سلطة تمكنت من كل قواعد القدرة، وسلبت من الأمة كل إمكانات المقاومة!
فكان الدعاء هو سلاح النضال.
ومعنى ذلك: أنه إذا طوقت مقاومة، أو فكرة، أو نضال، وأدت بها الظروف إلى مثل ما حصل في (كربلاء) إذ تعرض كل رجالها للإبادة الدامية، ولم يبق سوى رجل (واحد) ووقع كل النساء والصغار في الأسر، وتحت القيود، وإذا لم تبق أية إمكانية للعمل المسلح، والدفاع عن الحق بالقوة، فإن هذا الرجل الوحيد لا تسقط عنه المسؤولية.
إنه مسؤول أن يدرب الأمة على القناعة بأن على عاتقه إحياء الفكرة، وتحريك الأحاسيس، والدفاع عن ذلك الحق، ولو بلسان الدعاء، وجعل الرسالة مستمرة ولو بالأمل والرجاء، ونقلها كذلك إلى الأجيال.
إن الإمام زين العابدين عليه السلام:
وإن كان قد فقد إمكانات التضحية والنضال المستميت إلى حد الشهادة، كما فعل أبوه الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.
وفقد إمكانات العمل الاجتماعي الحر، كما قام به ابنه الإمام الباقر وحفيده الإمام الصادق عليهما السلام.
لكنه لم يفقد فرصة المقاومة من طريق هذه الحربة النافذة في أعماق أشلاء النظام الحاكم، والقابلة للتغلغل في أوساط المجتمع الفاسد، والسارية مع كل نسيم، والممكنة في كل الظروف، والتي اسمها (الدعاء).
وإن قيل: إن هذا هو من أضعف فروض النضال والجهاد؟
قلنا: نعم، لكن الدعاء أمر ضروري حتى لو كان الإنسان في غير هذه الحال، فلو كان بإمكانه النضال والمقاومة، بأشكال أخر، أقوى وأقدر، فإن من المستحيل استغناؤه عن الدعاء، وليس بالإمكان أن يمنع من هذا النضال، ولو كان أضعف، فلا بد له أن يكون قادرا على عملية الدعاء، وأن يضمر في نفسه الارتباط بربه، وأن يعلن عن أفكاره وعقائده بأسلوب المناجاة والدعاء، ويعبر عن آماله وآلامه، ومكنون نفسه، وأن يبرز هتافاته، وأن يطالب برعباته المهضومة، والمغصوبة