الشعر، بنى الله له بيتا في الجنة).
ولقد كان لهذا التوجيه أثر آخر، وهو انتشال الأدب - وخاصة الشعر - من مهاوي الرذيلة والمجون والاستهتار الذي سقط فيه والأدباء وخاصة الشعراء في تلك العصور المظلمة، التي كادت تؤدي إلى ضياع جهود جبارة من ذوق الشعراء وفنهم في متاهات الأغراض الفاسدة، وكذلك جهود الأمة في سماع ذلك الأدب الماجن، ونقله وضبطه وتداوله!
وقد أثرت جهود الأئمة عليهم السلام بتعديل ذلك المجرى، للسير في السبل الآمنة، والأغراض الشرعية، والتزام الأدب الهادف المؤدي إلى رفع المستوى الخلقي والفكري والثقافي.
ولقد أثرى الإمام زين العابدين عليه السلام الأدب العربي: بمادة غزيرة من النصوص الموثوقة، بشكل الأدعية التي تعد من أروع أمثلة الأدب العربي في النثر (1).
وامتازت بين مجموع ما روي عن الإمام زين العابدين من الأدعية، تلك التي ضمنها (الصحيفة السجادية) التي تتلألأ بين أدعيته، لأنها من تأليف الإمام نفسه، وإملائه، فلذلك فتح العلماء لها مجالا خاصا في التراث الإسلامي، وأغدق عليها المبدعون بأجمل ما عندهم من مهارات في الخط والزخرفة، وأولاها الداعون عناية فائقة في الالتزام والأداء، والعلماء في الشرح والرواية، فلنتحدث عنها في الصفحات الأخيرة من هذا الفصل.