المجتمع، وأنه غير منفصل عن السياسة، ولا يمكن أن يحتمل أحد أن الأئمة نهوا أتباعهم عن الرجوع إلى الطواغيت وقضاتهم، في حين لم يعينوا لهم مرجعا يدير شؤونهم، وقال بعد ذلك:
نحن على يقين أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) سألوا أئمتهم أن يرشدوهم إلى أحد في شؤون المجتمع الأساسية عندما يتعذر عليهم الاتصال بهم، فأجابوهم ونصبوا لهم أشخاصا يرجعون إليهم. وصفوة القول إن تلك الأسئلة والأجوبة سقطت من كتب الحديث التي بأيدينا ولم يصل إلينا منها إلا رواية عمر بن حنظلة ورواية أبي خديجة (1).
إن الباحثين المطلعين على الظروف السياسية العصيبة التي رافقت إمامة أوصياء النبي - بعد صلح الإمام الحسن (عليه السلام) حتى غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه - يعلمون جيدا كم كان خطرا نقل هذه الأحاديث التي لا تجرد الحكومات الجائرة المعاصرة للأئمة من الشرعية فحسب، بل كانت ترسي دعائم حكومات سرية لا مركزية في مقابل تلك الحكومات.
فحذفها من كتب الحديث أمر طبيعي قابل للتوجيه تماما.
ومما يدعم الروايات المذكورة توقيع صدر عن الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه، في جواب رسالة إسحاق بن يعقوب. فقد روى ا سحاق أنه سأل محمد بن عثمان العمري أن يوصل له كتابا قد سأل فيه عن مسائل أشكلت عليه، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام):
"... وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم... " (2).