لم يتأثر الإمام (عليه السلام) بمدحه وإطرائه، أو لم يأخذ بعين الاعتبار حتى الظروف الحساسة القائمة، فقال صلوات الله عليه:
"... إن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه....
... فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظفوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه ".
وخلص إلى القول:
" فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني... " (1).
نص الإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة على إمكان خطئه لولا كفاية الله تعالى وحفظه وعصمته. ومع أنه كان محفوظا بصيانة إلهية، بيد أنه طلب من الناس أن لا تمنعهم شخصيته السياسية والمعنوية عن نقده، وأكد أن لو رأوا عملا غالطا في حكومته فعليهم أن يذكروه.
بكلمة بديلة: أدان الإمام (عليه السلام) بشدة في جوابه لذلك المادح العادة السيئة المتمثلة بالثناء على الامراء ورجال السياسة في المجتمع الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى أراد أن يربي في نفوس الناس روح النقد والنظر العميق في أعمال المسؤولين عن