ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * (1).
القادة الربانيون خلفاء الله في خلقه. من هنا ينبغي أن تقوم حكومتهم على قاعدة الحق والعدل. وان اتباع الهوى انحراف عن صراط الله وابتعاد عن محجة الحق والعدل. على هذا الأساس نجد أن ذا الهوى ليس أهلا للخلافة الإلهية وإمامة الناس وقيادتهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام) فقال:
" حرام على كل قلب عالم محب للشهوات أن أجعله إماما للمتقين " (2).
إن قيادة المرء للمتقين ليس أمرا هينا يحسن القيام به كل فرد.
ذلك أن لهم خصائص معينة، منها أن أحدهم " ميتة شهوته " (3)، على حد تعبير إمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في نهج البلاغة.
من هنا لا يمكن أن يجعل الله تعالى أسير الهوى والشهوات إماما وقائدا لأناس فازوا وانتصروا في الجهاد الأكبر، وأفلحوا في كبح النفس الأمارة. لذا عبر الحديث المتقدم من عدم أهلية العالم النزوي لقيادة المجتمع بحرمة إمامته حرمة تكوينية.
في ضوء ذلك، لا يليق بمنصب القيادة الربانية وإمامة المتقين إلا من خلع سرابيل الشهوات عن بدنه، وألزم نفسه العدل - كما قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) - بنحو تكون خطوته الأولى على طريق العدل نفي الهوى عن نفسه.
" قد خلع سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه وسلك سبيله... فهو من معادن دينه وأوتاد