قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام يمكن أن نعده تفسيرا للروايات السابقة: " مكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز (1)، يجمعه ويضمه، فإذا انقطع النظام تفرق الخرز وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا " (2).
من هنا نفهم أن فلسفة الإمامة - حسب هذه الروايات - هي المحافظة على النظام الإسلامي، وأن الإمام كالخيط الذي يرتبط به شمل الأمة من أجل تنفيذ المناهج الإسلامية الصانعة للإنسان، وتطبيق القوانين الإلهية، وهذا كله ضامن لتكامل المجتمع البشري ماديا ومعنويا.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) مبينا الحكمة من وجود الإمام:
" إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام، كي ما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم " (3).
وهذه الرواية أيضا - كذيل الرواية الواردة في علل الشرائع - ترى أن فلسفة الإمامة حراسة الإسلام القويم وصيانته من التحريف.
ومع أن الروايات المذكورة تدور حول فلسفة ولاية المعصوم كما سنوضح، لكن لا شك أن ما ورد فيها - دليل على ضرورة القيادة الربانية - يمكن أن يكون دليلا على لزوم ولاية الفقيه في عصر غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام) أيضا.
إن الفقيه الحائز على شروط القيادة في عصر غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام) يضطلع بنفس المسؤولية التي يضطلع بها الأئمة المعصومون (عليهم السلام) في حياتهم، من أجل إقامة الحكومة وتطبيق القوانين الإلهية وصيانة الإسلام الأصيل من التحريف. وإن نجاحه