والأحكام.
ومنها: أنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس، ولما لابد لهم منه في أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد له منه، ولا قوام لهم إلا به، فيقاتلون به عدوهم ويقسمون به فيئهم ويقيم لهم جمعهم وجماعتهم، ويمنع ظالمهم من مظلومهم " (1).
أجل، هذه هي الأسباب التي تثبت الضرورة المطلقة للإمامة أو القيادة. وهكذا كان جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) للخوارج، وقد مر بنا آنفا، ويتلخص كلامه (عليه السلام) في أن المجتمع يحتاج إلى القانون، وتطبيق القانون يحتاج إلى الحكومة أو القيادة. وعلى هذا الأساس لا يتيسر استمرار الحياة الدينية والدنيوية لأي مجتمع وشعب بلا قيادة وحكومة.
بيد أن الدليل الذي ذكره الإمام (عليه السلام) في سياق كلامه يمكن أن يبين لنا الحكمة من ولاية الفقيه أيضا، وفيما يأتي نصه:
" ومنها: أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنن والأحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين " (2).
ويمكن أن نوجز فلسفة الإمامة في هذا القسم من كلام الإمام الرضا (عليه السلام) بحراسة الدين والحؤول دون تحريف الأحكام الإلهية.
ولا يخالجنا الشك في أن القائد من أجل تحقيق الهدف المذكور يتحتم أن يكون خبيرا متخصصا في الشؤون الإسلامية أو فقيها، كما تصطلح عليه الحوزة العلمية.