وعندما كتب إليه أحد علماء قم رسالة، قبل أن تعرج روحه الطاهرة إلى الملكوت الأعلى بشهور، واستفتاه عن الشطرنج وآلات الموسيقى رغبة منه في النصح ومبادرة منه في الحؤول دون ضوضاء المناوئين، واقترح عليه قائلا:
" أفضل أن تترفع ساحتكم المقدسة عن مثل هذه المسائل، ولا أرى ضرورة لنشرها ".
أجابه ذلك الفقيه العظيم الذي لم يخش إلا الله فقال:
" أنت تعلم أني أحبك وأراك نافعا، ولكني أنصحك نصيحة أبوية أن تجعل الله تعالى وحده نصب عينيك، ولا تبال بما يقوله المنافقون المتظاهرون بالتقوى والهمج الرعاع من المعممين، إذ لو قدر أن تتزعزع مكانتنا عند هؤلاء الحمقى الرعاع بسبب نشر حكم الله تعالى فلتتزعزع أكثر فأكثر " (1).
إن أخطر تشويه يهدد كيان الإسلام العظيم في واقعنا المعاصر هو شعار " فصل الدين عن السياسة " الذي واجهه الإمام الراحل رضوان الله عليه بكل اقتدار، وعانى كثيرا في هذا المجال، وقال (رحمه الله) في ندائه المهم الذي وجهه إلى المراجع والمدرسين وطلاب الحوزات العلمية وأئمة الجمعة والجماعة:
" عندما يئس الاستكبار العالمي من إبادة العلماء والحوزات الدينية اختار أسلوبين لإنزال ضربته، الأول: أسلوب القوة والترهيب، والآخر: أسلوب الخداع والتغلغل. ولما فقد الأسلوب الأول بريقه في عصرنا هذا نشط الأسلوب الثاني، وإن أول خطوة خطاها على هذا الطريق وأهمها هي المناداة بفصل الدين عن السياسة.
ومن المؤسف أن هذا التوجه قد فعل فعله في الوسط العلمائي إلى حد ما، حتى خيل أن التدخل في السياسة دون شأن الفقيه، وأن ممارسة النشاط السياسي