الغائب: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض!) وقد خففها البخاري في: 5 / 126: فاستبدل لفظ (كفارا) بلفظ (ضلالا)!! وقد عقد ابن ماجة في سننه: 2 / 1300: بابا بعنوان: باب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض..!!
والذي يتأمل في التحذيرات النبوية يعرف أن معنى هذا التحذير أن الاقتتال بين أصحابه سوف يقع، بل أخبرهم بصراحة أنهم سيفعلون، ولكنه صلى الله عليه وآله يستعمل بلاغته وعاطفته في التخويف والتحذير، ليقيم الحجة عليهم لربه عز وجل من ناحية، ويترك لهم الحرية من ناحية، حتى إذا وافوه يوم القيامة لا يقولوا: لماذا لم تحذرنا؟!
والذين يحذرهم من الاقتتال ليسوا إلا الصحابة لا غير.. لا اليهود ولا القبائل العربية، ولا حتى زعماء قريش بدون شركائهم من الصحابة.. فالدولة الإسلامية كانت قائمة، وقد حققت مركزيتها على كل الجزيرة، والخوف من الاقتتال بعد النبي صلى الله عليه وآله ليس من القبائل التي خضعت للإسلام طوعا أو كرها، مهما كانت كبيرة وموحدة مثل هوازن وغطفان.. فهي لا تستطيع أن تطمح إلى قيادة هذه الدولة، وإن طمحت فلا حظ لها في النجاح، إلا بواسطة الصحابة..
واليهود لا يمكنهم أن يقودوا العرب فضلا عن دولة الاسلام، كما أنهم لا يشكلون خطرا عسكريا بعد أن حطم النبي صلى الله عليه وآله قوتهم العسكرية، وأجلى قسما منهم من الجزيرة.. فمكائدهم وخططهم مهما كانت قوية، لا حظ لها في النجاح إلا.. بواسطة الصحابة وقريش..