أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يوعي المسلمين عبر الأجيال على تاريخ الإسلام، وتكاليف الوحي، ليعرفوا قيمته.. وأن يعرفهم أين يقع معدن الإسلام.. وأين يقع معدن الكفر!
كما أراد أن يبعث بذلك رسالة إلى من بقي فراعنة قريش، من أعضاء مؤتمر المقاطعة الذين ما زالوا أحياء، بأنهم قد تحملوا وزر هذا الكفر والعار، ثم ارتكبوا بعده ما هو أعظم منه فخاضوا حروبا ضد النبي والاسلام، ولم يتراجعوا إلا عندما جمعهم النبي في فتح مكة في المسجد الحرام، تحت سيوف بني هاشم والأنصار، فأعلنوا إسلامهم خوفا من القتل!! وهاهم اليوم يخططون لوراثة دولة الإسلام التي بناها الله تعالى ورسوله، وهم كارهون!!
لقد أهلك الله تعالى عددا قليلا من أبطال ذلك الحلف الشيطاني، من سادة مؤتمر المحصب.. بالموت، وبسيف علي بن أبي طالب، ولكن العديد مثل سهيل بن عمرو، وأبي سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية بن خلف، وحكيم بن حزام، وصهيب بن سنان، وأبا الأعور السلمي، وغيرهم من زعماء قريش وكنانة.. ما زالوا أحياء ينظرون، وكانوا حاضرين مع النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع يسمعون كلامه ويذكرون ماضيهم بالأمس القريب جيدا، ويتعجبون من عفوه عنهم واكتفائه بإقامة الحجة الدامغة عليهم! وكانت تصرفاتهم الظاهرة والخفية، ومنطق الأمور، وشهادة أهل البيت، ومجرى التاريخ.. كلها تدل على فرحهم بأن النبي صلى الله عليه وآله يعلن قرب موته ورحيله عنهم، وأنهم يعدون العدة لحصار جديد لبني هاشم وهذه المرة باسم الاسلام!!