فكان مجليا في العلم، وفي تفسير القرآن الكريم ورواية الحديث الشريف، وفي الخطابة واللغة والبلاغة، وهو الذي أمر أبا الأسود الدؤلي بوضع كتابه في النحو. ثم كان متفرقا في القضاء بشهادة الرسول الكريم: أقضاكم علي.
وكانت ولا تزال أقواله وعظاته ووصاياه أشهر من نار على علم، وقد دونت في كتابه " نهج البلاغة " الذي جمعه الشريف الرضي، وتواترت روايتها على ألسنة الناس والمثقفين من كل جيل. وهو القائل مثلا: آلة السياسة سعة الصدر. من كثرت نعمة الله عليه، كثرت حوائج الناس إليه. لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم. إن الله عز وجل فرض على الأغنياء ما يكفي الفقراء.
وهو الذي حذر من كلمة حق يراد بها باطل، يوم تمسك بها المنافقون والمفسدون وأصحاب الفتنة.
ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد الخضري بك المفتش بوزارة المعارف ومدرس التاريخ الإسلامي بالجامعة المصرية في " محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية " (ج 2 ص 81 ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر) قال:
يخطر ببال من فحص تاريخ الخلفاء الراشدين وعلم تفاصيل أحوالهم هذا السؤال: كيف دانت قريش لشيخين أولهما من بني تيم بن كعب والثاني من بني عدي؟ وخضعت لهما الخضوع التام، فسار القوم بقلب واحد في سبيل نصرة الإسلام وعلو شأنه حتى إذا آلت لبني عبد مناف ووليها اثنان منهم نغصت على أو لهما حياته في آخرها، ولم يصف الأمر لثانيهما في جميع حياته، بل كانت مدة اختلاف وفرقة مع ما هو معلوم من قرب بني عبد مناف للرسول صلى الله عليه وسلم فهم، عشيرته الأدنون وسادة قريش في جاهليتهم كما سادوا عليهم في الإسلام، ذلك إلى ما امتاز به ثانيهما من المميزات الكبرى التي لم تجتمع في غيره؟ لا بد