وعبر أجيال متطاولة تعاورت فيها الأحداث المآسي العظام، والهزائم التي تقصم الظهر وتكسر القلب، والانتصارات التي تثير الكبرياء في النفس.. عبر تلك الأزمان اتخذه المتقون إماما، فقد كان دعاؤه مع عباد الله الصالحين: واجعلنا للمتقين إماما.. واتخذه المساكين إماما.. واتخذه الفتيان والنساك والزهاد والعلماء والمجاهدون والشجعان إماما... سلام عليه.. عليه السلام.
وقال في كتابه: " أئمة الفقه التسعة " ج 2 ص 22:
انصرف أحمد يجمع السنن وآثار الصحابة، ويبحث من خلالها عن أحكام تنقذ الناس من الضلال.. وكان يجمع ما رواه الصحابة من أحاديث، كل على حدة، ويسند إلى الصحابي ما رواه.. فكان لا بد له أن يجمع ما رواه الإمام علي بن أبي طالب، لا يبالي في ذلك أن يتهمه أحد بالتشيع أو بالميل إلى العلويين.. وفي الحق أنه ما كان متشيعا ولا صاحب ميل للعلويين.. ولكنه تعلم من أستاذه الشافعي أن الإمام عليا كان أحق بالخلافة من معاوية، وأن معاوية كان باغيا، ودافع أحمد عن رأي أستاذه في مواجهة منتقديه..
وقد روى أحمد عن أستاذه الشافعي: قال رجل في علي: ما نفر الناس منه إلا أنه كان لا يبالي بأحد. فقال الشافعي: كان في علي كرم الله وجهه أربع خصال لا تكون منها خصلة واحدة لإنسان إلا يحق له ألا يبالي بأحد: كان زاهدا والزاهد لا يبالي بالدنيا وأهلها، وكان عالما والعالم لا يبالي بأحد: وكان شجاعا والشجاع لا يبالي بأحد، وكان شريفا والشريف لا يبالي بأحد. وكان علي كرم الله وجهه قد خصه النبي صلى الله عليه وسلم بعلم القرآن، لأن النبي عليه الصلاة والسلام دعا له وأمره أن يقضي بين الناس، وكانت قضاياه ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيمضيها.
ومنهم العلامة المفسر أبو إسحاق أحمد بن النيشابوري المشتهر بالثعلبي المتوفى سنة 427 وقيل سنة 437 في تفسير " الكشف والبيان في تفسير القرآن " (ق 82 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بإيرلندة) قال: