المن يبطل الإحسان، واعلم أن الأمر مأخوذ منك لغيرك.
وعلى هذا فقد كان علي من أجدر المسلمين بمكانة الداعية، وقد فتح الله له الأبواب في بلاد اليمن، ويسر له كل صعب، مما سهل انتشار الإسلام في هذه الأصقاع.
وقال في ص 612:
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة، وهي البنت الوحيدة من نسل الرسول التي أعقبت وعن طريقها وجدت ذرية سيدنا رسول الله حتى العهد الحاضر.
وقد سبق لنا أن قلنا إن أبا طالب كفل محمدا بعد موت جده عبد المطلب، فلما كبر محمد أراد أن يسدد هذا الدين لعمه، فأخذ عليا ورباه في بيته، وبخاصة أن أبا طالب كان كثير الأولاد، وأن مكة أصابها جدب، فمست الضائقة حياة أبي طالب.
ولما بعث محمد كان علي صبيا فآمن به، ولذلك يقال: إن عليا أول من آمن من الصبيان، وبات علي في فراش الرسول ليلة الهجرة مع علمه بأن الموت يطوف حول هذا الفراش، ويوشك أن ينزل بمن ينام فيه.
وقد رضع علي آداب الإسلام منذ الصبا، وكان في الفصاحة بالغاية، ولعله كان الراوية الأول لأحاديث الرسول، وكان في العلم سباقا لا يشق له غبار. أما شجاعته فكانت مضرب الأمثال، وقد رأيناه في الطيعة دائما في جميع غزوات الرسول، ولا تكاد تخلو غزوة من علي مصارعا ومبارزا غير هياب للموت، ولا مقيما للخوف وزنا، وطالما كسب بسيفه النصر للمسلمين، ومن الواضح أن بطولة علي والدماء التي سفكها مدافعا عن الإسلام ورادا عنه مهاجميه، أورثته كثرا من الأعداء، فقد كانت هناك جراح في قلوب الكثيرين من الطعنات القاتلة التي وجهها علي إلى