ثم قاتل عمار، وعطش فطلب أن يشرب، فجاءوه بلبن ممزوج بماء فهمهم:
بشرني حبيبي رسول الله أن آخر زادي اللبن الممزوج بالماء، واندفع يحار وهو يدعو الله أن يرزقه النصر أو الشادة، وطعنه رجل من بني السكسك، ولهم ثروة عظيمة بالشام. ظل الرجل الثري يتحرى عمار بن ياسر حتى طعنه بحربة، وأقبل ثري آخر من أثرياء الشام فاحتز رأسه.
وجاء من يبشر عمرو بن العاص ومعاوية بقتل عمار، ومن ينعى إليهما ذا الكلاع قال عمرو لمعاوية: ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا، بقتل عمار أو ذي الكلاع، والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمار لمال بعامة أهل الشام إلى علي وأفسد علينا جندنا.
وجاء الرجلان الثريان إلى معاوية: الذي طعن عمارا، والذي حز رأسه، كل منهما يدعي أنه صاحب الفضل في قتل عمار.
فقال لهما عبد الله بن عمرو: ليطب كل واحد منكما نفسا لصاحبه بقتل عمار، فإني سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: قاتله وسالبه في النار، إنما تقتله الفئة الباغية.
فغضب معاوية وقال لعمر محتدا: ألا تنهى عنا مجنونك هذا؟ ثم قال لعبد الله:
فلم تقاتل معنا؟ فقال عبد الله: إن رسول الله أمرني بطاعة والدي ما كان حيا، وأنا معكم والست أقاتل، فقال معاوية: أو نحن نقتل عمارا، إنما قتل عمارا من جاء به.
وشارع في. جند معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن عمار: إنما تقتله الفئة الباغية. فخرج معاوية إليهم فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قاتل عمارا من جاء به، قتله علي بن أبي طالب، وبارك العلماء المرتشون من صنائع معاوية هذا التخريج.
فأخذ جند معاوية يرددون دون أن يكفروا: إنما قتل عمارا من جاء به، قتله علي ابن أبي طالب.