قاتل علي أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي يقول صدق الله ورسوله، ومعاوية وأبو سفيان يقولان: كذب الله ورسوله، فما معاوية في هذه بأبر ولا أتقى ولا أرشد ولا أصوب في قتالكم، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصبر، وإنكم لعلى الحق وإن القوم لعلى الباطل، فلا يكونن أولى بالجد في باطلهم منكم في حقكم، اللهم ربنا أعنا ولا تخذلنا، وانصرنا على عدونا.
ووقف عمار يخطب فقال: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة (طرف) سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى تخرج من ظهري لفعلته، والله إني لا أعلم اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين، من يبتغ رضوان الله فلا يرجع إلى مال ولا ولد، أقصد بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان، والله ما أرادوا الطلب بدمه، ولكنهم ذاقوا الدنيا واستحبوها، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه منها، ولم تكن لهم سابقة يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم. فخدعوا أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوما، ليكونوا بذلك ملوكا جبابرة، فبلغوا ما ترون، ولولا هذه ما تبعهم من الناس رجلان، ولكن قول الباطل له حلاوة في أسماع الغافلين، فسيروا إليهم سيرا جميلا، اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت، فإن جعلت لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم، اذكروا الله ذكرا كثيرا، الجنة تحت ظلال السيوف، الشهادة في أطراف الأسنة، وقد فتحت أبواب السماء، وتزينت الحور العين، ألقى الأحبة، محمدا وصحبه.
وتقدم حتى دنا من عمرو بن العاص، فقال له: يا عمرو بعت دينك بمصر، تبا لك! تبا لك!.
فقال عمرو: لا، ولكني أطلب دم عثمان، قال: أشهد أنك أنك لا تطلب بشئ من فعلك هذا وجه الله، وأنك إن لم تقتل اليوم تمت غدا، فانظر إذا أعطي الناس على نياتهم ما نيتك؟ لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الرابعة ما هي بأبر ولا أتقى.