هذا الوجوب وبين الإمكان نظرا إلى مجرد القدرة والاختيار، وهذا كما إذا فرضنا وقوع الفعل من المختار فإنه يصير واجبا من جهة فرض الوقوع ولا ينافي الاختيار، وبهذا التحقيق يندفع جميع المحاذير اللازمة لأكثر المتكلمين في قولهم القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر لا لمرجح.
قال: واجتماع القدرة على المستقبل مع العدم.
أقول: هذا جواب عن سؤال آخر، وتقريره أن نقول: الأثر إما حاصل في الحال فواجب فلا يكون مقدورا، أو معدوم فممتنع فلا قدرة.
وتقرير الجواب أن الأثر معدوم حال حصول القدرة ولا نقول: أن القدرة حال عدم الأثر تفعل الوجود في تلك الحال بل في المستقبل، فيمكن اجتماع القدرة على الوجود في المستقبل مع العدم في الحال. لا يقال: الوجود في الاستقبال غير ممكن في الحال لأنه مشروط بالاستقبال الممتنع في الحال، وإذا كان كذلك فلا قدرة عليه في الحال وعند حصول الاستقبال يعود الكلام، لأنا نقول: القدرة لا تتعلق بالوجود في الاستقبال في الحال بل في الاستقبال.
قال: وانتفاء الفعل ليس فعل الضد.
أقول: هذا جواب عن سؤال آخر، وتقريره أن القادر لا يتعلق فعله بالعدم فلا يتعلق فعله بالوجود. أما بيان المقدمة الأولى فلأن الفعل يستدعي الوجود والامتياز وهما ممتنعان في حق المعدوم، وأما الثانية فلأنكم قلتم القادر هو الذي يمكنه الفعل والترك وإذا انتفى إمكان الترك انتفى إمكان الفعل. وتقرير الجواب أن القادر هو الذي يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل، وليس لا يفعل عبارة عن فعل الضد.
قال: وعمومية العلة تستلزم عمومية الصفة.
أقول: يريد بيان أنه تعالى قادر على كل مقدور وهو مذهب الأشاعرة، وخالف أكثر الناس في ذلك فإن الفلاسفة قالوا: إنه تعالى قادر على شئ