تحصل في أذهاننا فإنا ندرك تلك الصورة الحاصلة في الذهن بذاتها لا باعتبار صورة أخرى وإلا لزم تضاعف الصور مع أن تلك الصورة حاصلة لذاتنا لا بانفرادها بل بمشاركة من المعقولات، فحصول العلم بالموجودات لواجب الوجود الذي تحصل له الأشياء من ذاته بانفراده من غير افتقار إلى صور لها أولى، ولما كانت ذاته سببا لكل موجود وعلمه بذاته علة لعلمه بآثاره وكانت ذاته وعلمه بذاته العلتان متغايرتين بالاعتبار متحدتين بالذات فكذا معلوله والعلم به متحدان بالذات متغايران بنوع من الاعتبار، وهذا بحث شريف أشار إليه صاحب التحصيل وبسطه المصنف رحمه الله في شرح الإشارات، وبهذا التحقيق يندفع جميع المحالات لأنها لزمت باعتبار حصول صور في ذاته تعالى عن ذلك.
قال: وتغير الإضافات ممكن.
أقول: هذا جواب عن اعتراض الحكماء القائلين بنفي علمه تعالى بالجزئيات الزمانية، وتقرير الاعتراض أن العلم يجب تغيره عند تغير المعلوم وإلا لانتفت المطابقة، لكن الجزئيات الزمانية متغيرة فلو كانت معلومة لله تعالى لزم تغير علمه تعالى، والتغير في علم الله تعالى محال.
وتقرير الجواب أن التغير هنا أنما هو في الإضافات لا في الذات ولا في الصفات الحقيقية كالقدرة التي تتغير نسبتها وإضافتها إلى المقدور عند عدمه وإن لم تتغير في نفسها، وتغير الإضافات جائز لأنها أمور اعتبارية لا تحقق لها في الخارج.
قال: ويمكن اجتماع الوجوب والامكان باعتبارين.
أقول: هذا جواب عن احتجاج من نفى علمه تعالى بالمتجددات قبل وجودها، وتقرير كلامهم أن العلم لو تعلق بالمتجدد قبل تجدده لزم وجوبه وإلا لجاز أن لا يوجد، فينقلب علمه تعالى جهلا وهو محال.