الضوء. والشيخ اضطرب كلامه في البياض، فتارة جعله كيفية حقيقية وأخرى أنه غير حقيقية بل سبب حصوله ما ذكر. والحق أنه كيفية حقيقية قائمة بالجسم في الخارج لأنه محسوس كما في بياض البيض المسلوق فإنه ليس لنفوذ الهواء فيه لزيادة ثقله بعد الطبخ، وبالجملة فالأمور المحسوسة غنية عن البرهان.
قال: وطرفاه السواد والبياض المتضادان.
أقول: طرفا اللون هما السواد والبياض، وقيدهما بالمتضادين لأن الضدين هما اللذان بينهما غاية التباعد فلأجل ذلك ذكر هذا القيد في الطرفين، وهذا تنبيه على أن ما عداهما متوسط بينهما وليس نوعا قائما بانفراده كما ذهب إليه بعض الناس من أن الألوان الحقيقية خمسة: السواد والبياض والحمرة والصفرة والخضرة، ونبه بقوله: المتضادان على امتناع اجتماعهما خلافا لبعض الناس حيث ذهب إلى أنهما يجتمعان كما في الغبرة وهو خطأ.
قال: ويتوقف على الثاني في الادراك لا الوجود.
أقول: ذهب أبو علي ابن سينا إلى أن الضوء شرط وجود اللون، فالأجسام الملونة حال الظلمة تعدم عنها ألوانها لأنا لا نراها في الظلمة فإما أن يكون لعدمها وهو المراد، أو لحصول المانع وهو ما يقال من أن الظلمة كيفية قائمة بالمظلم مانعة من الأبصار وهو باطل وإلا لمنعت من هو بعيد عن النار عن مشاهدة القريب منها ليلا وليس كذلك وهو خطأ جدا، لأنا نقول: إنما لم تحصل الرؤية لعدم الشرط وهو الضوء لا لانتفاء المرئي في نفسه، ونبه المصنف على ذلك بقوله: ويتوقف - أي اللون - على الثاني - أي الضوء - في الإدراك لا الوجود.