كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٢٤
فيه المفرد وهو الكلمة الواحدة، والمؤلف التام وهو المحتمل للصدق والكذب، وغير المحتمل لهما من الأمر والنهي والاستفهام والتعجب والنداء وغير التام التقييدي وغيره، وإلى هذا أشار بقوله: بأقسامه.
قال: ولا يعقل غيره (1).
(١) رد على الأشاعرة إعلم أنما الأوائل ذهبوا - من قوله سبحانه: (وكلم الله موسى تكليما) ونحوه - إلى القول بأن الله متكلم والقرآن كلام الله ثم إلى أن القرآن قديم، إجلالا للقرآن ثم اقتفاهم الأشاعرة فانجر الأمر إلى أن أفتوا بأن من قال بخلق القرآن أي حدوثه فهو مبدع بل كافر. ثم لما قابلوا الاعتراضات الكثيرة من أرباب العقول القائلين بأن القرآن مخلوق أي حادث تمسكوا لتثبيت اعتقادهم وإنفاذه ردا على المعترضين عليهم بالكلام النفسي. وقالوا:
إن الكلام نفسي ولفظي، والقرآن كلام قديم بالمعنى الأول، والثاني المخلوق الحادث دال عليه وهذا متصرم الحدوث دون الأول. ثم لما واجهوا اعتراضات القول في الكلام النفسي بأنه أي نحو من الكلام تمسكوا بأنه كلام ليس بخبر ولا أمر ولا نهي ولا يدخل فيه ماض ولا حال ولا استقبال ولا غيرها من أحكام الكلام اللفظي ولا أحكام الكلام الخيالي. وقد تمسك الفخر الرازي في المحصل في إثبات الكلام النفسي بقول الأخطل (ص ١٢٦ ط الآستانة):
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا وقال المصنف أعني المحقق الطوسي في نقد المحصل ردا عليه: الاستدلال بهذا البيت ركيك وهو يقتضي أن يقال للأخرس: متكلم، لكونه بهذه الصفة. وقال في النقد أيضا: فقد صارت مسألة قدم الكلام إلى أن قام العلماء وقعدوا وضرب الخلفاء الأكابر لأجلها بالسوط بل بالسيف مبتنية على هذا البيت الذي قاله الأخطل، والأعجب تكفيرهم من يأبى القول بهذا الأمر المحال.
وقد أصر الفخر في محصله بأن كلام الله تعالى قديم وهو إمام الأشاعرة، ومرادهم من الكلام هذا هو النفسي.
وقال شارح المقاصد: وعلى البحث والمناظرة في ثبوت الكلام النفسي وكونه هو القرآن ينبغي أن يحمل ما نقل من مناظرة أبي حنيفة وأبي يوسف ستة أشهر ثم استقر رأيهما على أن من قال بخلق القرآن فهو كافر.
وفي شرح القوشجي: الحنابلة قالوا: كلامه تعالى حروف وأصوات يقومان بذاته وأنه قديم، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا: الجلد والغلاف أيضا قديمان فضلا عن المصحف.
وفي الملل والنحل للشهرستاني: قال أبو الحسن الأشعري: الباري تعالى متكلم بكلام وكلامه واحد، والعبارات والألفاظ المنزلة على لسان الملائكة إلى الأنبياء عليهم السلام دلالات على الكلام الأزلي والدلالة مخلوقة محدثة والمدلول قديم أزلي، والفرق بين القراءة والمقرو والتلاوة والمتلو كالفرق بين الذكر والمذكور، فالذكر محدث والمذكور قديم. انتهى ملخصا (ص ٩٦ ج ١ ط مصر).
فما يعني بقوله: وكلامه واحد؟ فإن أراد علمه البسيط الأحدي القرآني الجمعي فلم يجعل الكلام قسيم العلم، ثم ما يعني في قوله: والعبارات والألفاظ المنزلة على لسان الملائكة.
والأمر: أرفع من هذه الأقاويل، وبعض إشاراتنا في رسالتنا الفارسية المسماة بالقرآن والانسان يجديك في المقام. وبالجملة إن أرادوا بالكلام النفسي علمه الأزلي الذاتي البسيط الأحدي القرآني الجمعي، وباللفظي الفرقان المحدث الكتبي أو اللفظي وإلا فلا فائدة في قيل وقال.