هذا قال: إنه يفتقر إلى محل لا غير. وبعض المتكلمين لما طعن في كلية الحكمين افتقر إلى الاستدلال عليهما هنا، واستدلوا على الأول بأن صفة ذاته وجوب مدافعة محله لصفة ذاته، فلو انتفى المحل انتفت صفة الذات وذلك يقتضي نفي الذات، وعلى الثاني بأنه يكون مساويا للتأليف لأن الافتقار إلى أزيد من محل واحد من خواص التأليف، والاشتراك في أخص الصفات يستلزم الاشتراك في الذات.
قال: وهو مقدور لنا.
أقول: ذهب المتكلمون إلى أن الاعتماد مقدور لنا، لأنه يقع بحسب دواعينا وينتفي بحسب صوارفنا فيكون صادرا عنا.
قال: وتتولد عنه أشياء بعضها لذاته من غير شرط، وبعضها بشرط، وبعضها لا لذاته.
أقول: قسم المتكلمون الاعتماد بالنسبة إلى ما يتولد عنه إلى أقسام ثلاثة، أحدها: ما يتولد عنه لذاته من غير حاجة إلى شرط وإن كان قد يحتاج إليه أحيانا وهو الأكوان والاعتماد في محله وإن كان يولدهما في غير محله بشرط التماس.
وإنما قلنا: إنه يتولد عنه الأكوان، لأن الجسم يختص بجهة دون أخرى حال حركته فلا بد من مخصص لتلك الجهة وهو الاعتماد. وقلنا إنه يولد الاعتماد لوجود الحركة القسرية شيئا بعد شئ، فإن المتحرك يوجد (1) فيه الاعتماد والاعتماد يولد الحركة الأولى والاعتماد معا ثم إذا تحرك ولد الاعتماد حركة أخرى واعتمادا آخر.
وثانيها: ما يتولد عنه بشرط ولا يصح بدونه وهو الأصوات فإنها تتولد عنه