أقول: ذكر للكم ثلاث خواص: الأولى: قبول المساواة وعدمها عدم الملكة، فإن أحد الشيئين أنما يساوي غيره أو يفارقه باعتبار مقداره لا باعتبار ذاته، فإن كل الجسم وبعضه متساويان في الطبيعة ومتفاوتان في المقدار.
الثانية: قبول القسمة، وذلك لأن الماهية أنما يعرض لها الانقسام والإثنينية بواسطة المقدار، وهذا الانقسام قد يعني به كون الشئ بحيث يوجد فيه شئ غير شئ وهذا المعنى يلحق المقدار لذاته، والثاني قبول الافتراق وهو من توابع المادة عندهم على ما سلف البحث فيه، ومرادهم هنا الأول.
الثالثة: إمكان وجود العاد، وذلك لأن المنقسم أنما ينقسم إلى آحاد هي أجزاؤه فتلك الآحاد عادة له، ولما كان الانقسام قد يكون بالفعل كما في الكم المنفصل وقد يكون بالقوة كما في المتصل كان اللازم لمطلق الكم هو إمكان وجود واحد عاد لا الوجود بالفعل.
قال: وهو ذاتي وعرضي.
أقول: الكم منه ما هو بالذات كالأقسام التي عددناها له، ومنه ما هو بالعرض وهو معروضها كالجسم الطبيعي أو عارضها (1) كالسواد الحال في السطح فإنه متقدر بقدرة فكميته عرضية لا ذاتية، أو ما يجامعه في المحل أو ما يتعلق بما يعرض له كقولنا: قوة متناهية أو غير متناهية بسبب تناهي المقوى عليه في العدة أو المدة أو الشدة وعدم تناهيه.