قال: بخروج الشعاع (1).
أقول: اختلف الناس في كيفية الأبصار، فقال قوم: إنه بخروج شعاع متصل من العين إلى المرئي على هيئة مخروط رأسه عند الحدقة وقاعدته عند المرئي، وهو اختيار المصنف رحمه الله. وقال أبو علي: إن الأبصار أنما يكون بانطباع صورة المرئي في الرطوبة الجليدية (2). والقولان عندي باطلان، أما الأول فلأن الشعاع إما جسم أو عرض، والثاني يستحيل عليه الانتقال، والأول باطل لامتناع أن يخرج من العين على صغرها حجم متصل منها إلى كرة الثوابت، وأيضا فإن حركة الشعاع ليست طبيعية لعدم اختصاصها بجهة دون أخرى فلا تكون قسرية وظاهر أنها ليست إرادية، ولأن الشعاع جسم لطيف جدا فيلزم تشوشه عند هبوب الرياح فلا يحصل الأبصار للمقابل، وأما الثاني فلأنه يستحيل انطباع العظيم في الصغير.
قال: فإن انعكس إلى المدرك أبصر وجهه.
أقول: الشعاع إذا خرج (3) من العين واتصل بالمرئي وكان صقيلا كالمرآة انعكس عنه إلى كل ما نسبته إلى المرئي كنسبة العين إليه، ولهذا وجب تساوي زاويتي الشعاع والانعكاس ووجب أن يشاهد بالمرآة (4) كل ما وضعه إليها كوضع الرائي فإن انعكس الشعاع إلى الرائي نفسه أدرك وجهه، وإذا انتفت الصقالة لم