على وسط.
أقول: اتفق العقلاء على أن العرض من حيث هذا المفهوم ليس جنسا لما تحته بل هو أمر عرضي، واختلفوا في الجوهر هل هو جنس لما تحته أو عارض؟ والذي اختاره المصنف رحمه الله أنه عارض وجعل الجوهرية والعرضية من المعقولات الثانية، فإن كون الذات مستغنية عن المحل أو محتاجة إليه أمر زائد على نفس الذات من الأمور الاعتبارية وحكم من أحكامها الذهنية، واستدل عليه بأن الذهن يتوقف في نسبة إحداهما إلى الذات على وسط (1) ولهذا احتجنا إلى الاستدلال على عرضية الكميات والكيفيات وجوهرية النفوس وأشباه ذلك، وجنس الشئ لا يجوز أن يتوقف ثبوته له على البرهان، وهذا الذي ذكره رحمه الله يدل على الزيادة لا على كونه من المعقولات الثانية.
قال: واختلاف الأنواع بالأولوية.
أقول: هذا دليل ثان على كون الجوهر عرضا عاما لجزئياته لا جنسا لها، وذلك لأن بعض الجزئيات أولى بالجوهرية من بعض، فإن الشخصيات أولى بالجوهرية من الكليات ولا تفاوت في الأجناس، وهو أيضا يدل على كون العرض عرضيا لوقوع التفاوت فيه بين جزئياته، فإن الأعراض القارة أولى بالعرضية من غيرها.