كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٨٨
أو ظنا، فافتقر الفعل الصادر عنها إلى مباد أربعة تصور لذلك الفعل الجزئي، فإن التصور الكلي لا يكون سببا لفعل جزئي لأن نسبة كل كلي إلى جزئياته واحدة فإما أن يقع كلها وهو محال أو لا يقع شئ منها وهو المطلوب، فلا بد من تصور جزئي يتخصص به الفعل فيصير جزئيا، فإذا حصل التصور بالنفع الحاصل من الأثر اشتاقت النفس إلى تحصيله فحصلت الإرادة (1) الجازمة بعد التردد فتحركت العضلات إلى الفعل فوجد.
قال: والحركة إلى مكان (2) تتبع إرادة بحسبها، وجزئيات تلك الحركة تتبع تخيلات وإرادات جزئية، فيكون السابق من هذه علة للسابق من تلك، المعدة لحصول أخرى فتتصل الإرادت في النفس والحركات في المسافة إلى آخرهما.
أقول: الفاعل منا لحركة ما من الحركات أنما يفعلها بواسطة القصد والإرادة المتعلقة بتلك المسافة، فتلك الحركة تتبع إرادة بحسبها يعني الحركة إلى مكان مفروض تتبع إرادة متعلقة بالحركة إلى ذلك المخصوص، وكل حركة فعلى مسافة منقسمة تكون الحركة في كل مسافة من تلك المسافات جزءا من الحركة الأولى، وكل جزء من تلك الأجزاء يتبع تخيلا خاصا وإرادة جزئية متعلقة به، فإذا تعلقت الإرادة بإيجاد الجزء الأول من الحركة ثم وجد الجزء الأول كان وصول الجسم إلى ذلك الجزء مع الإرادة الكلية المتعلقة بكمال الحركة علة لتجدد إرادة أخرى

(1) فإن قلت: الانسان قد يريد ولا يشتاق كما في إرادة تناول الدواء البشع، فالجواب أن المنفي هناك الشهوة لا الشوق مطلقا فإن من اعتقد النفع ينبعث من اعتقاده شوق عقلي لا محالة وإن لم يسم شهوة.
(2) هذا الكلام لدفع إيراد يتوهم في المقام وهو أن صدور الأفعال الجزئية عن الانسان لا يتوقف على تصورات وإرادات جزئية، مثلا من تصور الحركة على مسافة ينشئ إرادة متعلقة بقطع جميع المسافة من غير أن يتصور المتحرك الحدود الجزئية من المسافة حتى يتعلق بها الإرادات الجزئية.
واعلم أن هذه المسألة العاشرة وشرحها خلاصة ما في آخر النمط الثالث من الإشارات وشرح الماتن عليه فراجع الفصلين الخامس والعشرين والتاسع والعشرين منه.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست