كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٤
وأما الوصف الذاتي الذي تضاف إليه الوحدة أيضا إن كان في الجنس سمي مجانسة وإن كان في النوع سمي مماثلة.
قال: والاتحاد محال فالهو هو يستدعي جهتي تغاير واتحاد على ما سلف (1).
أقول: اتحاد الاثنين غير معقول لأنهما بعد الاتحاد إن بقيا فهما اثنان وإن عدما فلا اتحاد، وإن عدم أحدهما دون الآخر فلا اتحاد لاستحالة اتحاد المعدوم بالموجود، وليس قولنا: هو هو اتحادا مطلقا بل معناه أن الشيئين يتحدان من وجه ويتغايران من وجه، بمعنى أن الشئ الذي يقال له أحدهما يقال له الآخر.
قال: والوحدة مبدأ العدد المتقوم بها لا غير (2).

(١) سلف في المسألة الثامنة والثلاثين من الفصل الأول.
(٢) أقول العدد إن عرف بأنه كمية تطلق على الواحد وما تألف منه قيل فيدخل الواحد فيه، وإن عرف بأنه نصف مجموع حاشيتيه - كالأربعة مثلا حيث إن حاشيتها التحتانية ثلاثة، والفوقانية خمسة فالمجموع من الحاشيتين ثمانية فالأربعة نصف مجموع هاتين الحاشيتين منها - قيل: فيخرج الواحد منه. وعرف أيضا بأنه كمية تحصل من الواحد بالتكرير أو بالتجزية حتى يشمل التعريف الكسور أيضا فهذا التعريف عندهم هو الجامع دون الأولين.
ويرد على الأول بأن العدد كم منفصل والكم يقبل الانقسام، والوحدة لا تقبله. وعلى الثاني بأن الواحد أيضا نصف مجموع حاشيتيه لأن الحاشية أعم من الصحيح والكسر والواحد حاشيته التحتانية نصف، والفوقانية واحد ونصف إذ الحاشية التحتانية لكل عدد تنقص عنه بمقدار زيادة الفوقانية والمجموع من النصف والواحد والنصف اثنان فالواحد نصف مجموع حاشيتيه، فتأمل. فالحق كما قال العلامة البهائي في أول خلاصة الحساب: إن الواحد ليس بعدد وإن تألف منه الأعداد، كما أن الجوهر الفرد عند مثبتيه ليس بجسم وإن تألفت منه الأجسام، وذلك لما قلنا إن العدد لكونه كما يقبل الانقسام والوحدة لا تقبله. وفي الشفاء لم تكن الوحدة غير عدد لأنها لا انفصال فيها إلى وحدات (ج ٢ ط ١ ص ٤٤١).
تبصرة: قال مولانا الإمام سيد الساجدين عليه السلام في دعائه متفزعا إلى الله تعالى من الصحيفة الكاملة: لك يا إلهي وحدانية العدد. ولا يخفى على البصير لطائف كلامه ودقائق أسراره، ولعل ما في الفص الإدريسي من فصوص الحكم، وما في أوائل المرحلة الخامسة من الأسفار في بعض أحكام الوحدة والكثرة (ص ١٣٤ ج ١ ط ١) وما في علم اليقين للفيض في الوحدة والعدد وخواصه (ص 260 من الطبع الرحلي) وكذلك بعض رسائلنا كلقاء الله تعالى والوحدة في نظر العارف والحكيم يفيدك في ذلك إفادة تامة إن أخذت الفطانة بيدك.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست