الاتحاد قد تكون أحدهما وقد تكون ثالثا.
أقول: لما ذكر أن الوجود والعدم قد يحملان وقد يكونان رابطة بين الموضوع والمحمول شرع في تحقيق معنى الحمل، وتقريره أنا إذا حملنا وصفا على موصوف فلسنا نعني به أن ذات الموضوع هي ذات المحمول بعينها، فإنه لا يبقى حمل ولا وضع إلا في الألفاظ المترادفة وهو باطل، ولأن قولنا: الانسان حيوان، حمل صادق وليس الانسان والحيوان مترادفين، ولا نعني به أن ذات الموضوع مباينة لذات المحمول، فإن الشيئين المتباينين كالانسان والفرس يمتنع حمل أحدهما على الآخر، بل نعني به أن الموضوع والمحمول بينهما اتحاد من وجه وتغاير من وجه، فإذا قلنا: الضاحك كاتب، عنينا به أن الشئ الذي يقال له الضاحك هو الشئ الذي يقال له الكاتب، فجهة الاتحاد هي الشئ وجهة التغاير هي الضحك والكتابة.
إذا عرفت هذا فاعلم إن جهة الاتحاد قد تكون أمرا مغايرا للموضوع والمحمول كما في هذا المثال، فإن الشئ الذي يقال له ضاحك وكاتب هو الانسان وهو غير الموضوع والمحمول، وقد تكون أحدهما كقولنا: الانسان ضاحك والضاحك انسان.
قال: والتغاير لا يستدعي (1) قيام أحدهما بالآخر، ولا اعتبار عدم القائم في