في ذلك، فإنا نقول: الموجود إما ثابت في الذهن أو غير ثابت في الذهن، فاللاوجود قسيم للوجود ومن حيث له مفهوم قسم من الثابت، والحكم على رفع الثبوت المطلق من حيث إنه متصور لا من حيث إنه ليس بثابت ولا يكون تناقضا لاختلاف الموضوعين.
قال: ولهذا نقسم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه ونحكم بينهما بالتمايز وهو لا يستدعي (1) الهوية لكل من المتمايزين، ولو فرض له هوية (2) لكان حكمها حكم الثابت.
أقول: هذا استدلال على أن الذهن له أن يتصور عدم جميع الأشياء، وبيانه أنا نقسم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه، ونحكم بامتياز أحدهما عن الآخر ومقابلته له، والحكم على شئ يستدعي تصوره وثبوته في الذهن، فيجب أن يكون ما ليس بثابت في الذهن ثابتا فيه، فقد تصور الذهن سلب ما وجد فيه باعتبارين على ما حققناه، فإن ما ليس بثابت في الذهن ثابت فيه من حيث إنه متصور، وغير ثابت فيه من حيث إنه سلب لما في الذهن.
لا يقال: امتياز أحد الشيئين عن الآخر يستدعي أن يكون لكل من الممتازين هوية مغايرة لهوية الآخر حتى يحكم بينهما بالامتياز، فلو كان العدم ممتازا عن الوجود لكان له هوية متميزة عنه، لكن ذلك محال لأن العقل يمكنه رفع كل هوية، فيكون رفع هوية العدم قسيما للعدم وقسما منه وهذا محال.
لأنا نقول: لا نسلم وجوب الهوية لكل من الممتازين، فإنا نحكم بامتياز الهوية عن اللاهوية وليس اللاهوية هوية سلمنا ثبوت الهوية لكل ممتازين لكن هوية العدم داخلة باعتبار الهوية في قسم الهوية وباعتبار ما فرض أنها لا هوية يكون مقابلة للهوية وقسيما لها، ولا امتناع في كون الشئ قسما من الشئ