وقسيما له باعتبارين على ما تقدم تحقيقه في باب الثبوت.
قال: وإذا حكم الذهن على الأمور الخارجية بمثلها وجب التطابق في صحيحه وإلا فلا، ويكون صحيحه باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر لإمكان تصور الكواذب.
أقول: الأحكام الذهنية قد تؤخذ بالقياس إلى ما في الخارج، وقد تؤخذ لا بهذا الاعتبار، فإذا حكم الذهن على الأشياء الخارجية بأشياء خارجية مثلها كقولنا: الانسان حيوان في الخارج، وجب أن يكون مطابقا (1) لما في الخارج حتى يكون حكم الذهن حقا وإلا لكان باطلا، وإن حكم على أشياء خارجية بأمور معقولة كقولنا: الانسان ممكن، أو حكم على الأمور الذهنية بأحكام ذهنية كقولنا: الإمكان مقابل للامتناع، لم تجب مطابقته لما في الخارج، إذ ليس في الخارج إمكان وامتناع متقابلان ولا في الخارج انسان ممكن.
إذا تقرر هذا فنقول: الحكم الصحيح في هذين القسمين لا يمكن أن يكون باعتبار مطابقته لما في الخارج لما تقدم من أن الحكم ليس مأخوذا بالقياس إلى الخارج ولا باعتبار مطابقته لما في الذهن، لأن الذهن قد يتصور الكواذب، فإنا قد نتصور كون الانسان واجبا مع أنه ممكن، فلو كان صدق الحكم باعتبار مطابقته لما في الذهن لكان الحكم بوجوب الانسان صادقا، لأن له صورة ذهنية مطابقة لهذا الحكم، بل يكون باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر.
وقد كان في بعض أوقات استفادتي منه (2) رحمه الله جرت هذه النكتة وسألته عن