وقيل: ما أصله اليبوسة ولم يعهد رطبا قط فيبس، بالتحريك، يقال: هذا شيء يبس، فإن كان عهد رطبا ثم يبس فيبس، بالسكون، يقال: هذا حطب يبس قال ثعلب: كأنه خلق يبسا، وموضع يبس، أي كانا رطبين ثم يبسا، هكذا تقوله العرب.
وأما طريق موسى، عليه السلام، الذي ضربه الله له ولأصحابه في البحر فإنه لم يعهد قط طريقا لا رطبا ولا يابسا، إنما أظهره الله تعالى لهم حينئذ مخلوقا على ذلك لتعظيم الآية وإيضاحها، وتسكن الباء أيضا في قراءة الحسن البصري، ذهابا إلى أنه وإن لم يكن طريقا فإنه موضع قد كان فيه ماء فيبس. وقرأ الأعمش: يبسا، بكسر الباء.
ويقال: اليبس في قول علقمة:
تخشخش أبدان الحديد عليهم * كما خشخشت يبس الحصاد جنوب جمع يابس، كراكب وركب، نقله الجوهري عن ابن السكيت، وحرك العجاج الباء للضرورة في قوله:
تسمع للحلي إذا ما وسوسا والتج في أجيادها وأجرسا زفزفة (1) الريح الحصاد اليبسا وامرأة يبس، محركة: لا خير فيها، وهو مجاز، وكذلك امرأة يابسة ويبيس (2)، كما نقله الزمخشري، ونص الصحاح: لا تنيل خيرا، وأنشد للراجز:
* إلى عجوز شنة الرأس يبس (3) * ويقال أيضا: شاة يبس: بلا لبن، أي انقطع لبنها فيبس ضرعها، وتسكن، عن ابن الأعرابي، والفتح عن ثعلب، حكاهما أبو عبيدة.
وفي المحيط: اليبسة: التي لا لبن لها من الشاء، والجمع اليبسات واليباس (4) والأيباس.
والأيبس: اليابس.
ومن المجاز: الأيبس: ظنبوب في وسط الساق الذي إذا غمزته آلمك، وإذا كسر فقد ذهب الساق، قاله أبو الهيثم، قال: وهو اسم ليس بنعت، وكذلك قيل: الأيابس: الجمع.
وقيل: الأيبسان (5): عظما الوظيفين من اليد والرجل، وقيل: ما ظهر منهما؛ وذلك ليبسهما. والأيابس: ما كان مثل عرقوب وساق؛ وفي الصحاح: الأيبسان: ما لا لحم عليه من الساقين، وقال أبو عبيدة: في ساق الفرس أيبسان، وهما ما يبس عليه اللحم من الساقين، وقال الراعي:
فقلت له ألصق بأيبس ساقها * فإن تجبر العرقوب لا تجبر النسا والأيابس: ما تجرب عليه السيوف وهي صلبة.
وعن أبي عمرو: يبيس الماء كأمير: العرق، وهو مجاز، وقيل: العرق إذا جف، قال بشر بن أبي خازم يصف الخيل:
تراها من يبيس الماء شهبا * مخالط (7) درة منها غرار الغرار: انقطاع الدرة، يقول: تعطى أحيانا وتمنع أحيانا، وإنما قال شهبا؛ لأن العرق يجف عليها فيبيض، كذا في الصحاح.
واليبيس من البقول: اليابسة من أحرارها وذكورها، كالجفيف والقفيف، قاله الأصمعي، قال: وأما يبيس البهمي فهو العرقوب (8) والصفار.
أو لا يقال لما يبس من الحلي والصليان والحلمة يبيس، وإنما اليبيس: ما يبس من العشب والبقول التي تتناثر إذا يبست، كاليبس، قاله الجوهري، وأنشد قول ذي الرمة: