وأظهر له خلاف ما أضمره، وهو بعينه عدم الإمحاض في النصيحة، فلا حاجة إلى إيراده، كغششه تغشيشا، وهو مبالغة في الغيش، مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر، ومنه الحديث: " ليس منا من غشنا "، أي ليس من أخلاقنا ولا على سنتنا، وفي حديث أم زرع: " ولا تملأ بيتنا تغشيشا " قال ابن الأثير: هكذا جاء في روايته، وقيل: هو من الغش، وقيل: [هو] (1) من النميمة، والرواية بالمهملة وقد ذكر في موضعه، وهو غاش وشيء مغشوش.
والغش: بالكسر: اسم منه.
والغش، أيضا: الغل والحقد وقد غش صدره يغش إذا غل.
ورجل غش، بالفتح: عظيم السرة، هكذا في النسخ، بضم السين المهلمة وتشديد الراء، وفي بعضها بكسر الشين المعجمة، وكلاهما غلط، والصواب: الشره، محركة، قال الراجز:
* ليس بغش همه فيما أكل * وهو يجوز أن يكون فعلا، وأن يكون كما ذهب إليه سيبويه في طب وبر، من أنهما فعل.
والغش، بالضم: الغاش، ج غشون، قال أوس ابن حجر:
مخلفون ويقضي الناس أمرهم * غشو الأمانة صنبور لصنبور قال الأزهري: ولا أعرف له جمعا مكسرا، والرواية المشهورة " غسو الأمانة " بالسين المهلمة. وقد تقدم.
والغش: ع، م، أي موضع معروف، ولم أره في كتاب إن لم يكن تصحيفا، فانظره. والشئ المغشوش، أي الغير الخالص، من الغش.
والغشش، محركة: الكدر المشوب، هكذا في النسخ، أو هو المشرب الكدر، كما هو نص ابن الأنباري، ونقله هكذا الأزهري والصاغاني، قيل: ومنه أخذ الغش نقيض النصح، وأنشد ابن الأعرابي:
* ومنهل تروى به غير غشش * أي غير كدر ولا قليل.
ولقيته غشاشا، بالكسر، والفتح، أي على عجلة. وكذا لقيته على غشاش، حكاها قطرب، وهي كنانية، وأنشدت محمودة الكلابية:
وما أنسى مقالتها غشاشا * لنا والليل قد طرد النهارا وصاتك بالعهود وقد رأينا * غراب البين أوكب ثم طارا أو عند مغيربان الشمس، حكاه الليث، وقد أنكره الأزهري، وقال (2): هذا باطل، وإنما يقال: لقيته غشاشا وعلى عشاش (3)، إذا لقيته على عجلة، أو لقيه غشاشا، أي ليلا، وهو قريب من قول الليث.
والغشاش، بالكسر وحده: أول الظلمة وآخرها.
ويقال: شرب (4) غشاش، بالكسر، أي قليل، لكدره، وكذلك يوم غشاش، أو شرب غشاش: عجل، أو شرب غشاش: غير مرئ، لأن الماء ليس بصاف [ولا عذب] (5) ولا يستمرئه شاربه، وهذا عن الأزهري.
وأغششته عن حاجته: أعجلته، نقله ابن القطاع.
وجاءوا مغاشين للصبح: مبادرين، هنا نقله الصاغاني عن ابن عباد، وقلده المصنف، رحمه الله تعالى، والصواب أنه بالعين المهلمة، وقد أشرنا إليه، ثم رأيت الزمخشري ذكره هنا، وكأنه لغة في العين, واغتشه واستغشه: ضد انتصحه واستنصحه، أو ظن به الغش، أو عدة غاشا، قال كثير عزة:
فقلت وأسررت الندامة ليتني * وكنت امرا أغتش كل عذول