وصاحب الذخيرة (1)، وعن ظاهر جماعة كالتنقيح (2)، والسرائر (3)، والمنتهى (4)، بل لم نقف على حكاية خلاف في المسألة عن أصحابنا، بل عن العامة أيضا عدا ما عن الشافعي على ما في حاشية المدارك للمحقق البهبهاني قائلا: " ونقل الإجماع في هذه المسألة غير واحد من الفقهاء، منهم الفاضلان (5)، بل ما نقلوا خلافا إلا عن الشافعي، فإنه قال: " يجتهد المكلف في تحصيل الأمارات المرجحات ومع العجز يتخير " (6)، فالظاهر أنها وفاقية بين المسلمين جميعا " (7) انتهى.
والعجب عن صاحب المدارك (8) في جعله مذهب الأصحاب، مشعرا بدعوى الإجماع، مع ميله إلى جواز الارتكاب إذا لم يحصل المباشرة بجميع ما وقع فيه الاشتباه، إلا أن يكون ذلك من جهة القدح في هذا الإجماع بتضعيف مستنده حسبما يأتي في كلامه.
والحق ما صاروا إليه، واستقرت عليه فتاواهم، وانعقد عليه إجماعهم من وجوب الامتناع عن الجميع، ومستنده من النقل الموثقان المتقدمان في أخبار انفعال القليل.
أحدهما: ما عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل معه إناءان، فيهما ماء، وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو، وليس يقدر على ماء غيره؟ قال: " يهريقهما [جميعا] ويتيمم إن شاء الله " (9).
وثانيهما: ما عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء، وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو؟ وليس يقدر على ماء غيره؟ قال (عليه السلام):
" يهريقهما جميعا ويتيمم " (10).
والخبران المتقدمان في مسألة إناطة أحكام النجاسة بالعلم بتحقق السبب،