وإن كانت قائمة بأحدهما اختصت الطهارة به مع الاستواء، وأما مع الاختلاف فإن كانت الكرية في الطرف الأسفل كان الجميع طاهرا، أما هو فبالكرية وأما الأعلى فبعدم السراية، وإن كانت في الطرف الأعلى فهو الطاهر بجهتين دون الأسفل.
السابع: عن العلامة أنه حكم في القواعد (1) بالنجاسة في الماء الذي يشك في كريته إذا وجد فيها نجاسة، وعن جامع المقاصد (2) أنه علله: " بأن المقتضي للتنجيس موجود والمانع مشكوك فيه فينفى بالأصل "، وكأنه مبني على توهم كون الكرية مانعة عن الانفعال كما سبق إلى بعض الأوهام، وقد تقدم منا ما يهدم بنيان هذا البيان، فالأقرب في الصورة المفروضة الحكم بالطهارة عملا بالاصول المحكمة، ومثله الكلام فيما لو وجد نجاسة في الكر وشك في وقوعها عليه قبل بلوغ الكرية أو بعد بلوغها.
الثامن: عن المحقق في المعتبر: " أنه لو تطهر من ماء ثم علم فيه نجاسة وشك هل كانت قبل الوضوء أو بعده فالأصل الصحة، ولو علم أنها قبله ولم يعلم هل كان كرا أو أقل أعاد لأن الأصل القلة " (3).
وهو على إطلاقه غير وجيه، إذ كثيرا ما لا يكون الماء مسبوقا بالقلة، ومعه لا معارض لأصل الطهارة حسبما اقتضته العمومات. فالمتجه حينئذ صحة الوضوء وعدم لزوم إعادته، فإنها وإن كانت معلقة على طهارة الماء، غير أن الطهارة منوطة بعدم العلم بالقذارة والمفروض منه، وإنما لا نقول به في صورة جريان أصالة القلة، لإمكان القول بأنها علم شرعي بالقذارة وهو قائم مقام العلم، فيدخل المفروض في غاية قوله (عليه السلام):
" كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر " (4).
الجهة الخامسة: في تحديد الكر الذي لا ينجس بالملاقاة، فاعلم: أن للأصحاب في تحديد الكر طريقين:
الطريق الأول: تحديده باعتبار الوزن، فهو بهذا الاعتبار ألف و مأتا رطل، كما عن الأصحاب قديما وحديثا، وعليه نقل الإجماعات على حد الاستفاضة، كما عن صريح الناصريات (5)،