فيمن يشك في حصول شرط التيمم والحال هذه، فيلتزم بإراقة الماء إحرازا للشرط المشكوك فيه، وهو مستحيل على المعصوم (عليه السلام).
فالأقوى إذن عدم وجوب الإراقة للأصل، ولا ينافيه الأمر الوارد لظهور كونه كناية عن النجاسة والمبالغة فيها، كما في كثير من الأخبار بالقياس إلى غير المقام، المتقدمة في بحث انفعال القليل، وإطلاق مثل هذا اللفظ في موضوع إرادة المبالغة في عدم ترتب الفائدة المطلوبة من الشئ شايع في العرف والعادة.
ويؤيده: أنه لو كان مكان المائين عين النجس لم يجب إراقته بالضرورة.
المقام الثاني: في الماء المشتبه بالمغصوب، والكلام فيه أيضا كسابقه في وجوب الاجتناب عن الجميع، وعدم جواز ارتكاب شئ كلا ولا بعضا، والدليل عليه أيضا ما تقدم على جهة التفصيل، وما عن بعض أفاضل متأخري المتأخرين من استشكاله في ذلك استنادا إلى قوله (عليه السلام): " كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه " (1)، ليس بشئ.
والمعروف عن علماء الاصول في تلك المسألة ونظايرها التي منها المسألة المتقدمة المندرج جميعها في عنوان " الشبهة المحصورة " أقوال، قد استقصينا الكلام في جرحها وتعديلها في المسألة الاصولية، فلو ارتكب كليهما أو أحدهما فعل حراما، لكن لو توضأ أو اغتسل بهما ففي صحته أقوال.
أحدها: الصحة، لأن أحدهما ماء مباح، ولا شك أنه قد وقع الطهارة، فيستلزم أن تكون صحيحة، وكون كل منهما حراما منهيا عنه لا يوجب الفساد، بعد منع دلالة النهي على فساد العبادة، حكى التصريح به عن بعض محققي متأخري المتأخرين.
وثانيها: عدم الصحة، صرح به غير واحد من متأخري أصحابنا، وقواه العلامة في المنتهى (2) تعلقا بنهي العبادة المقتضي للفساد، ويقين الاشتغال المقتضي ليقين البراءة الغير الحاصل هنا، لعدم حصول الجزم بالتقرب، بل التقرب بما يحتمل كونه حراما احتمالا مساويا ربما يعد قبيحا، بل هو الظاهر، فلا يقع الامتثال.
وثالثها: الفرق بين صورتي انحصار الماء فيهما فلا يصح، وعدمه فيصح، لأن