الرواية المرسلة، لما قيل عنه من أنه لا يذكر فيها إلا متون الروايات من دون اختلاف، أو مع اختلاف يسير غير مخل بالمعنى.
وثانيهما: الرواية المنقولة عن تحف العقول (1) مرسلة؛ وعن الوسائل (2) مسندة بسند غير نقي، وهي رواية طويلة وموضع الحاجة منها قوله (عليه السلام):
" وأما وجوه الحرام من البيع والشراء فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله أو شربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته، أو شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش، أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شئ من وجوه النجس، فهذا كله حرام ومحرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه، فجميع تقلبه في ذلك حرام ".
وفيه: مع القدح في سند الرواية المشتمل على الحسن بن علي بن أبي حمزة، وأبيه علي بن أبي حمزة المجروحين في كلام أهل الرجال (3) مع عدم العلم بجابر له، منع الدلالة على وجه يتناول محل البحث، من حيث إن لفظة " وجوه النجس " الواقعة فيها عبارة عن الذوات المأخوذة عنوانا لحكم النجاسة التي هي بأنفسها مقتضية لها، بعد تسليم أن لفظة " النجس " بانفرادها تشمل المتنجس أيضا، ولا ريب أن محل البحث ليس من هذا القبيل لكون النجاسة في المتنجسات - ولا سيما المياه - عرضية.
وأما الإجماعات المنقولة فعلى فرض تناولها لمحل الكلام، فموهونة بمصير المتأخرين كلا أم جلا إلى عدم انقلاب الأصل الأولي، كما يظهر للمتتبع في كلماتهم في باب المكاسب؛ وأما باقي الوجوه المستدل بها على انقلاب الأصل مع أجوبتها فتطلب من الباب المذكور، فإذن كان الأصل الأولي المشار إليه المعتضد بأصلي البراءة والإباحة على حاله.
المقصد الثالث: في كيفية تطهير المياه المتوقف عليها إباحة الاستعمال.
واعلم أنه كما أن عروض النجاسة لما يكون طاهرا بحسب ذاته وأصله على