الشرائط لم يخرجه عن حكم الطهارة، والأصل في ذلك الخبر المستفيض " الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر " (1) بناء على ما قررناه من أنه وارد لبيان الحكم لصورة الاشتباه، مضافا إلى الأصل المتقدم تأسيسه في غير موضع، غير أن الاحتياط مما لا ينبغي تركه، وممن صرح بما ذكرناه السيد في المناهل قائلا: " بأنه إذا شك في تحقق الشرط فالأصل طهارة الماء مطلقا، وإن حصل الظن بفقده، ولكن مراعاة الاحتياط أولى " (2).
واما الجهة الثانية: ففيها مسائل ثلاث.
الاولى والثانية: في أن ماء الاستنجاء بعد ما ثبت كونه طاهرا و جامع الشرائط المتقدمة، فهل يكون طهورا - بالمعنى الأعم من إزالة الخبث به، ولو استنجاءا آخر، ورفع الحدث به صغيرا كان أو كبيرا، - كما كان كذلك قبل الاستنجاء أولا؟ فيه خلاف على أقوال:
أحدها: أنه ليس بطهور مطلقا، وهو لظاهر الشرائع (3)، والدروس (4)، والمنتهى (5)، وصريح الذكرى (6)، حيث إن الأول فرق بين ماء الاستنجاء والمستعمل في الوضوء والمستعمل في الحدث الأكبر، فحكم على الأول بكونه طاهرا فقط من غير تعرض لطهوريته، وعلى الثاني بكونه طاهرا مطهرا، وعلى الثالث بكونه طاهرا وتردد في طهوريته.
وصنع نظيره الثاني، غير أنه قدم المستعمل في الوضوء فحكم بكونه طهورا، ثم أورد المستعمل في الحدث الأكبر فحكم بطهارته، ناقلا في طهوريته قولين مع جعله الكراهية أقربهما، ثم تعرض لذكر الاستنجاء فحكم عليه بالطهارة فقط.
والثالث حكم على ماء الاستنجاء بكونه معفوا عنه بمعنى الطهارة - على ما استظهرناه سابقا - من غير تعرض لحكم طهوريته، مع أنه في المستعمل في رفع الحدث الأصغر حكم عليه قبل ذلك بكونه طاهرا مطهرا مدعيا عليه الإجماع، وفي رفع الحدث الأكبر نقل الخلاف في طهوريته، واختار هو كونه طاهرا مطهرا. وأن الرابع قال - حسبما تقدم -: " وفي المعتبر: ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة إنما هو