اعتبار المفهوم هنا رأسا، أو عن كونه معتبرا هنا على سبيل الجزئية الصادقة في بعض أفراد المسكوت عنه كالكلب والخنزير، وأيا ما كان فالاستدلال ساقط جزما.
ومع الغض عن ذلك أيضا فدلالة المفهوم لا تقاوم دلالة المنطوق، وقد تقدم من المناطيق ما يقضي بخلاف ذلك المفهوم، كما أن السند الموثق لا يقاوم السند الصحيح، ولاسيما إذا اعتضد الصحيح بما تقدم ذكره من الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا.
وكيف كان فالعمل على الصحيح وفاقا للمعظم، لكون مفاده هو الصحيح، مع ما فيه من العمل على الاصول والقواعد.
المسألة الثالثة: لا فرق فيما حققناه من طهارة سؤر الحيوان الطاهر العين لطهارة ذيه بين كون الحيوان مأكول اللحم أو غيره، ولا بين كونه آكل الجيف أو غيره، سواء اريد من آكل الجيف ما من شأنه ذلك كما في صريح المدارك (1)، أو ما برز منه الأكل في الخارج كما نقل التصريح به في الحدائق (2) عن المنتهى (3).
لنا على ذلك: مضافا إلى الاصول والقواعد المتقدم إليهما الإشارة، الموثقة المتقدمة في عبارة الاستبصار السائلة عن ماء يشرب منه باز أو صقر أو عقاب، المصرحة: " بأن كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه " إلى آخره، مضافة إلى الصحيحة والحسنة المتقدمتين (4) المبيحتين لسؤر السباع، التي لا تكاد تنفك عن أكل الجيف في الغالب، وإطلاق هذه الأحاديث كما ترى يشمل كلتا صورتي بروز المبدأ في الخارج وعدمه، ومن هنا يمكن أن يؤخذ الأخبار الواردة في طهارة سؤر الهرة - بل في فضله التي يأتي إليها الإشارة - دليلا على هذا المطلب، بل المستفاد منها دلالة اخرى عليه من حيث تضمنها إعطاء قاعدة كلية في السباع كما سيظهر وجهه.
فما عرفته عن النهاية (5) من استثناء سؤر آكل الجيف إما لمنعه عنه كما في بعض العباير الناقلة، أو لحكمه عليه بالنجاسة كما في الحدائق (6)، ومثله ما عن كشف اللثام